كمال جاب الله يكتب: نبوءات يابانية متشائمة لعام «الأرنب» 2023

196
مع الإقرار بما تردده العامة “كذب المنجمون ولو صدقوا”، تظل شهية الجمهور منفتحة، وتتلهف على متابعة ما ينشر من قراءة للطالع منسوبة لمنجمين، وما أكتبه اليوم، أستخدم فيه لفظ “نبوءات” على سبيل الشيوع، في وصف تفسيرات تعتمد على اجتهادات وحقائق وأرقام وخبرات حياتية متوارثة لدى شعوب آسيوية.

 

 

ففي مقال سابق، نشرته “بوابة الأهرام” الغراء، بعنوان “أطيب الأمنيات بعام أرنب سعيد”، نسبت إلى عدد من الأصدقاء الآسيويين، وتحديدًا من كوريا الجنوبية والصين، أن عام 2023، عام الأرنب، سوف يشهد نموًا وازدهارًا وثراءً، لكل الأشياء، بلا استثناء، وفقًا لتفسير المتخصصين والخبراء في علم الأبراج ببلديهما.

غير أني فوجئت بتفسيرات مغايرة، وقد تكون صادمة، نشرتها “الميديا” اليابانية، في مطلع عام 2023، تصف العام الجديد، بأنه عام التضخم والركود العالمي والحروب، باعتبار أن الأرنب “معروف بحساسيته للمحفزات المسببة للتوتر”.

تفسير اليابان المتشائم لعام الأرنب، 2023، كتبته المحررة ساكوراي رييكو، يوم الأحد، الأول من شهر يناير الحالي، بالموقع الإخباري لهيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، NHK، ونظرًا لوجاهته، وما يبدو فيه من طرافة، أوجزه كالتالي:

كلمة أرنب تعني باللغة الإنجليزية RABIT، بالتالي، هي تتكون من خمسة أحرف، وكل حرف له مدلولات متشائمة، يمكن تطبيقها على أرض الواقع.

· حرف R، يرمز لروسيا، Russia، تقول المحررة رييكو: سيتم تذكر عام 2022 باعتباره العام الذي قامت فيه الحرب الروسية الأوكرانية، وتستمر التداعيات الاقتصادية في إحداث تأثيرات واضحة مع ترنح العالم نحو العام الجديد، 2023، وحتى إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الصراع، فلن يفعل ذلك الكثير لإصلاح الانقسامات الجيو-سياسية، خاصة مع إعلان أوروبا الغربية عن خطط للاستغناء التدريجي عن الغاز والنفط الروسيين.

·  حرف A رمزًا للتحالف، أو Alliance، ستستضيف اليابان قمة مجموعة السبع في الفترة من 19 إلى 21 مايو المقبل في هيروشيما، مسقط رأس رئيس مجلس الوزراء الياباني، كيشيدافوميئو، وتشتهر المدينة بمشاهد الموت والدمار، التي ظهرت في أعقاب الهجوم بالقنبلة الذرية، الذي شنته الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، ويعد قرار عقد القمة في هيروشيما تحديًا واضحًا للرئيس الروسي، بوتين، الذي هدد مرارًا باستخدام الأسلحة النووية لإخضاع أوكرانيا، ولا يزال تحالف أكبر اقتصادات العالم يشكل عقبة رئيسية أمام طموحاته في إثارة الحرب.

·  حرف B رمزًا لبنك اليابان المركزي Bank of Japan، تنتهي فترة ولاية محافظ البنك، كورودا هاروميكو، الطويلة، هذا الربيع، وهناك دلائل على أن مغادرته تبشر بنهاية برنامج التيسير النقدي الذي أطلقه في عام 2013.

وفي اجتماعه الشهر الماضي، ديسمبر، فاجأ البنك – المركزي الياباني – السوق برفع الحد الأعلى لعائداته لأجل 10 سنوات، إلى 0.5%، وهو قرار يشير إلى أن البنك قد يستعد لإلغاء سياساته غير المسبوقة، لمعرفة ما إذا كان خليفة كورودا سيبني على هذه الخطوة، ويتخلى عن سياسة البنك المثيرة للجدل “التحكم في منحنى العائد”.

·  حرف I رمزًا للتضخم أو Inflation، سيتولى محافظ البنك المركزي الياباني الجديد منصبه بعد عام شهد أكبر تضخم في اليابان منذ أربعة عقود، وتضافر الصراع في أوكرانيا وعوامل أخرى – في شهر نوفمبر الماضي – لدفع أسعار المستهلك إلى الارتفاع بنسبة 3.7%، وهو ما تجاوز بكثير هدف 2%، الذي أمضى كورودا وزملاؤه من صانعي السياسة سنوات في محاولة الوصول إليه دون جدوى، ويستمر التضخم المتفشي في إعاقة الاقتصادات الأخرى، حتى مع قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية في أوروبا بتقليل وتيرة وحجم ارتفاع أسعار الفائدة.

·  أخيرًا، حرف T، رمزًا للاضطرابات Turmoil، والضرائب Taxes، وتايوان Taiwan، يتوقع المحللون أن يكون عام 2023 عامًا مضطربًا بالنسبة للاقتصاد العالمي، ويتوقعون نموًا بنسبة 05% فقط في الولايات المتحدة وأوروبا، ويرفع ذلك احتمال حدوث تضخم مصحوبًا بركود، وهو الوضع الذي تظل فيه الأسعار مرتفعة حتى مع انكماش الاقتصاد، خاصة في الاتحاد الأوروبي، وقد تواجه الولايات المتحدة مصيرًا مشابهًا إذا أدى قرار الاحتياطي الفيدرالي، بإبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة، إلى نتائج عكسية، من المتوقع – أيضًا – أن يعاني الاقتصاد الصيني، على الرغم من الخطوة الأخيرة التي اتخذتها بكين للتخلي عن سياسة صفر كوفيد لمكافحة فيروس كورونا.

وستكون أكبر مشكلة في اليابان متمثلة في الضرائب، حيث يسعى كيشيدا لتطبيق زيادة في ميزانية الدفاع من شأنها رفع نسبة الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك، فقد أثبتت الخطة أنها لا تحظى بشعبية كبيرة، حتى في صفوف أعضاء الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، وردًا على ذلك، ذكر الائتلاف الحاكم أنه سيؤجل الزيادات الضريبية لمدة عام على الأقل للسماح بإجراء نقاش حول هذه المسألة.

تختتم المحررة رييكو تحليلها بالإشارة إلى أن هناك قلقًا آخر يتمثل في التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، مؤكدة أن البيت الأبيض كان صريحًا – في البداية – في معارضته لما زعم أنه نوايا بكين لما أسماه “تسريع خطط غزو تايوان”، لكن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، خفف من حدة لهجته منذ اجتماعه مع الرئيس الصيني، شي جين بينج، منتصف شهر نوفمبر الماضي، قائلًا إنه لا يرى أي تهديد صيني وشيك لجزيرة تايوان، ويبدو أن تعليق بايدن قد خفف من التوتر في الوقت الحالي، لكن كما هو الحال دائمًا مع هاتين القوتين العالميتين، فإن خطر اندلاع خلاف آخر لم يكن أبدًا ببعيد.

قصدت أن أنقل عينة من التنبؤات المتشائمة، التي تتردد في الميديا اليابانية عما سيشهده عام الأرنب الجديد، 2023.

ولا يتسع المقام – اليوم – لسرد الأصداء المتفاوتة، التي صدرت في عواصم الدول الحليفة، والمجاورة، لليابان، وتحديدًا، في روسيا وشبه الجزيرة الكورية والصين، بعد إقرار الحكومة، امتلاك قدرات شن هجمات مضادة للدفاع عن نفسها، ورفع الميزانية الدفاعية، لتصبح 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

 

kgaballa@ahram.org.eg
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.