عندما غنى نجوم “ريال مدريد مع جماهيرهم أغنية النصر”ريال مدريد ولا غيره شيء في الكون” بعد تتويجه بطلاً لدوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه. كانوا يقولوا للدنيا نحن أساطير في نادي الأساطير في مدينة الأساطير العاصمة الإسبانية التي رسمت ملامحها (3) اساطير من القرن الثاني قبل الميلاد وحتى تاريخه ،
وفي عالم الأساطير المجسدة على ارض الواقع لا توجد مدينة أخرى على وجه الأرض، يمكن لها أن تضاهي مدريد أو تفوق حيويتها ،رغم انها قد تكون لا تحمل بصمة العمارة الباريسية، ولا التاريخ المهيب لروما، أو سمعة برشلونة بروائع المودرينيستا التي فيها، وليس فيها معلم يعادل برج إيفل، أو الكولوزيوم أو لاساغرادا فاميلي
و”مجريط” المستنبطة من”مجرى الجليد” عربيا عاصمة مملكة إسبانيا وأكبر مدنها هي مدينة مراوغة تحمل طاقتها الحيوية الهائلة رسالة بسيطة، تتلخص في أنها تعرف حقاً كيف يكون معنى أن تعيش.
الاسطورة الاولى التي كتبت شهادة ميلاد مدريد طبقا لماء جاء في الخيال عبر أسطورة اوكنو بييانور ابن الملك تيررينيوس وكان اسمها المدينة ميتراجيرتا او مانتوا وفِي تسمية ثالثة يورساريا(ارض الدببة) ،
والأسطورة الثانية أعاد كتابة شهادة ميلادها ومنحها مجددا قبلة الوجود الأبدي هو الامير محمد الاول في الفرن ال١٩ .
والأسطورة الثالث الذي أعطى لمدريد بعدها المكاني والزماني عالميا هو سانتياغو برنابيو الذي سمي باسمه استاد “الريال” في منطقة باسيو دي لا كاستيلانا في بلدية تشامارتين، وهو يحتل كتلة يحدها شوارع باسيو دي لا كاستيلانا وشوارع إسبينا كونشا، داميان بادري، ورافائيل سالغادو.
فأصبح واحد من الشخصيات التاريخية للمدينة التي تعد التعبير المثالي عن فلسفة الجمال الكامنة في مكوناتها المنطلقة من ذاتها بانسيابية ودقة لكونها تحوي توليفة ابداعية جمعت ما بين سحر الشرق وحرارته وجمال الغرب وملامحه
وسانتياجو بيرنابيو حيث كان هو اللاعب ثم المدرب ثم الرئيس للنادي الملكي ريال مدريد والتي بلغت 35 سنة من 1943 إلى 1978 وهي أكثر الفترات التي تمكن فيها الريال من حصد لقب الدوري الإسباني 16 لقباً و6 القاب كأس الملك محليا،و 6 كؤوس أوروبية، 1 كأس إنتركونتيننتال، لقبين للكأس موسما مع الفريق تسع بطولات إقليمية وبطولة كأس اسبانيا بين عامى 1911 و1928، وسجل برنابيو 70 هدفا في 80 مباراة رسمية خاضها بالقميص البيضاء، وهو ما يعد إنجازا كبيرا.
ورغم التباعد الزمني بين الأساطير الثلاثة الا انهم يمثلون التلاحم بين العمق والسطح ، الواقع والخيال،والحياة والادب وبين الفكر والفن وكرة القدم وكلها بمثابة لوحات فنية متباينة، تشكّل سيمفونية رائعة، وبديعة فيها من التنوع والتلوين في ما تُبدع، وتلازم خيوط الأفكار مع خيوط الاحاسيس حتى انك تعتقد ان في كل صورة من الصورة الشعرية لهؤلاء الاساطير تمثل حقبات متعددة من تاريخ سحرها الذي ينبض فكرا استقى من التراث العربي انغامه ومن الحياة المعاصرة ملامح بالغة الثراء.
ولوحاول الكون ان يكتب (نوتة) لموسيقاه ذات الانغام الشجية والحالمة اوالمجنونة والمتسارعة، بكل تاكيد لن يجد افضل من مدريد لتكون ملهمته ومرجعه.
لقد حباها الله تنوعا استثنائيا وفريدا من السحر والجمال لدرجة انك تعتقد عندما ترى نهرها مانزاناريس ان العذوبة من اختصاصه، وعندما تشاهد جبالها”سييرا دي غواداراما “في شمال غرب المدينة، ويصل ارتفاعها إلى 2.429 متر فوق مستوى سطح البحر في قمة بينيالارا. تقسم غير حانث انها نموذج مصغر من شاهقات الكرة الارضية من كل العصور الجيولوجية،
وعندما تتجول في أزقتها وشوارعها مثل تشيكا، وكافا باجا و أرانجويز وكافأ التا والمندوب وسول، وسانتا آنا، وسالامانكا، ولافابيس، ولاتينا وسانتا آنا والقلعة و جران فيا. و البرادو ،وما بها من مطاعم وحانات تقدم الأطباق المستوحاة من المطاعم المغربية والأفريقية والآسيوية.
تتاكد ان التاريخ بكل ايامه واحداثه وابطاله وافراحه واتراحه مر من هناك،
وان ماتركه بصمات صنعت هذه البانوراما التى تصافحها عينيك وتلامسها اقدامك في كل ركن من اركانهاً، وكأنها كيانات حية تنبض وتتكلم وتحكي عن احداث لاتموت ومواقف لاتمحى وحكايات لا تنتهي وذكريات لا تفنى.
ومدريد تحوي توليفة ابداعية جمعت ما بين سحر الشرق وحرارته وجمال الغرب وملامحه، ولذلك لا عجب ان تكون معظم بيوتها متاحف مفتوحة تتخالط فيها الحضارات فهي وليدة الحضارة الإسلامية في أبهى عصورها و شاهد على الحضارة الرومانية و الحضارة الأوربية الحديثة والهجرات والانساب والاساطير سواء القادمة من غابر الزمان او التي واكبت خطوات الحضارة التي ألقتها الايام في ربوعها .
ومدينة ال٣ أساطير اوكنو بييانور ومحمد الاول و سانتياغو برنابيو، بها ٣معالم تراثية غريبة تثير الفضول والدهشة و زياراتها لا تنسى ،
اولها سوق (الراسترو) الشعبي على احدى مناطق مدريد التاريخية الاثرية مشكلا معلما تراثيا فريدا في اسبانيا ومنارة عريقة في القارة العجوز بما يحويه من مكونات جمالية وما يتداول فيه من سلع فريدة من نوعها وبضائع غنية في تنوعها وتميزها. ظل ولايزال مفعما بالحيوية والنشاط منذ نحو خمسة قرون وواحدا من اقدم أسواق اوروبا المفتوحة ،
وثانيها في منتصف مدينة مدريد يوجد ميدان كبير على هيئة هلال يُسمّى”بوابة الشمس”ويمتد في اتجاه الشرق منه أحد أهم شوارع مدريد وهو شارع كاليه دي ألكالا،الذي تتواجد شماله المنطقة التجارية الحديثة التي بالقرب منها البنوك والفنادق والمطاعم والمحلات والمسارح على امتداد جران فيا. ( آفنيدا دي خوزيه أنطونيو)،
وثالث المعالم القصر الملكي الذي يعود بناؤه إلى القرن ال١٨الميلادي على الحافة الغربية من الحي القديم في في الجنوب الغربي ، وقد عاشت فيه الأسرة المالكة الأسبانية حتى عام 1931م، عندما اضطر الملك ألفونسو الثالث عشر إلى مغادرة البلاد، وتحول القصر بحدائقه الشاسعة ذات التنظيم الرائع إلى متحف ،وعلى مساحات واسعة حوله تنتشر عدد من الكنائس القديمة والميادين العامة التي تزينها النافورات وتماثيل مشاهير أسبانيا.
السفر الى مدريدفي حد ذاته رحلة تنعش الفؤاد وتجدد الخلايا وتعيد بناء المنهك من الروح والموجع من الجسد سواء بالنظر الى شوارعها التي هي بمثابة حدائق خضراء مزينة بالزهور من مختلف الالوان يسقف عناق هذه الاشجار الباسقات الحميم كل شوارعها تاركة مساحات بين اغصانها وأوراقها لمرور الضوء وتتنفس هذه الاشجار لكي تفرز معقمات للهواء،
ويكفي ان مسطحاتها الخضراء علاج اكيد للاكتئاب من خلال النظر وتأمل الطبيعة الخضراء، التي تثير البهجة في النفوس، وخاصةعند .زخات امطارها التي توقظ عشق البذور للنمو من جديد،
ومن اجل هذا عندما يمر ليل فيها تنتظر كل يوم ضياء الشمس في يوم ربيعي تتفتح معه القلوب شغفاً بأجمل نبتة تغني بمختلف الألوان فألوانها ما هية الا انعكاس لشروق شمس الذي يمثل الارتجال في العزف الفردي او الجماعي بجمالياته من نقش ذكريات تحاكي لحظات الصمت عند تعانق اللحظة
قد يعجبك ايضا