كمال جاب الله يكتب: مبارزة بين الكوريتين لتعظيم الردع النووي

442

في تصعيد بالغ الخطورة على الأمن والاستقرار بشبه الجزيرة الكورية، ومنطقة شمال شرق آسيا، والعالم أجمع، سيطرت على المشهد أنباء مستجدة عن تحالفات عسكرية، إقليمية ودولية متتالية، بما فيها التهديد باستخدام سلاح الردع النووي.

منذ أيام قليلة، تبنت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وثيقة تحالف عسكري جديدة تحمل اسم “المبادئ التوجيهية للردع والعمليات النووية في شبه الجزيرة الكورية”، وتستهدف توسيع نطاق تخصيص الأصول الإستراتيجية الأمريكية بشبه الجزيرة الكورية، وزيادة الوتيرة ومستوى الانتشار، في زمن الحرب ووقت السلم.

مظاهر التحالف العسكري -بعيدة المدى بين سول وواشنطن- لم تتوقف عند حد إصدار مثل هذه الوثيقة، بل أعقبها تصريح صادر عن قائد عسكري أمريكي كبير، الأدميرال صاموئيل بابارو، كشف فيه النقاب عن إمكانية امتلاك كوريا الجنوبية غواصات نووية، قائلا: “من منظور حرب الغواصات، أعتقد أنه من المهم -كحلفاء- إيجاد طرق أكثر كفاءة وفعالية، لتوحيد قدراتنا بطرق تدافع عن التحالف”.

تصريحات الجنرال الأمريكي تبدو متوافقة مع نتائج استبيان للرأي، أجرته مؤسسة جالوب الكورية، منذ أشهر، جاء فيه أن 72.8% من مواطنيها يؤيدون امتلاك أسلحة نووية، وأن 91% يرون استحالة نزع سلاح كوريا الشمالية النووي.

وقد وصف الرئيس يون صوك-يول نتائج الاستبيان، الداعية لامتلاك بلاده أسلحة نووية بأنها فكرة غير واقعية، قائلا: “على الرغم من أن هذا الأمر لن يستغرق وقتا طويلا، بسبب تفوق كوريا الجنوبية في العلوم والتكنولوجيا، إلا أن سول ستواجه –في حالة امتلاك سلاح نووي- عقوبات وضربة قوية لاقتصادها”.

أيضا، تزامن تصعيد وتيرة امتلاك واستخدام سلاح الردع النووي بشبه الجزيرة الكورية، مع صدور بيان مشترك لرؤساء أركان الجيوش في كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، جاء فيه نصًا: “أكد القادة العسكريون في الدول الثلاث التزامهم بتوسيع تدريبات حافة الحرية “Freedom Edge” العسكرية، وناقشوا استخدام طرق إضافية لإضفاء الطابع المؤسسي على التعاون الثلاثي، بين سول وطوكيو وواشنطن، لدعم رؤية إقليمية مشتركة للسلام والاستقرار.. والردع”.

من المؤكد أن إسراع وتيرة ومستوى انتشار الأصول الإستراتيجية الأمريكية بشبه الجزيرة الكورية، بالتنسيق والتوافق الكامل بين سول وطوكيو وواشنطن، قد جاء ردًا -فوريًا ونوعيًا- من العواصم الثلاث على إعلان معاهدة التحالف العسكري، المثيرة للجدل، بين بيونج وموسكو، النوويتين، والتي جاء فيها نصًا: “إذا تعرض أحد الجانبين لحالة حرب بسبب غزو مسلح من دولة منفردة أو عدة دول، فإن الجانب الآخر يقدم المساعدة العسكرية بجميع الوسائل التي بحوزته بدون تأخير”.

كوريا الشمالية نددت بالمبادئ التوجيهية المشتركة للردع النووي، التي وقعتها سول وواشنطن، ووصفتها بأنها عمل استفزازي متهور، مهددة بأن الحليفين سيدفعان ثمنًا باهظًا- يفوق التصور- في حال ارتكابهما المزيد من الاستفزازات.

ووصف المتحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الشمالية ما أسماه بالسلوك الاستفزازي والخطاب التحريضي الخبيث من قبل الحليفين، سول وواشنطن، بأنه”السبب الجذري لتعريض الأمن الإقليمي للخطر، ويتطلب من بيونج يانج مواصلة تحسين استعدادها للردع النووي، وإضافة عناصر مهمة إلى تكوين الردع”.

من جانبها، حذرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية من أن الشطر الكوري الشمالي سيواجه نهاية نظامه، إذا حاول استخدام الأسلحة النووية، وأكدت أن “سبب التوتر المتصاعد بشبه الجزيرة يرجع إلى سلوكيات هذا النظام، مشيرة إلى أنه لو لم تكن هناك تهديدات نووية، من قبل بيونج يانج في المقام الأول، لما كان من الضروري إقرار المبادئ التوجيهية الأخيرة للعمليات النووية، بل هي إجراء مشروع للرد على القدرات النووية لكوريا الشمالية، وتهديداتها باستخدام أسلحة نووية”.

يبقى أن أشير إلى أن آخر التقديرات توضح أن بحوزة كوريا الشمالية 50 رأسًا نوويًا، ولديها من المواد ما يكفي لإنتاج 90 رأسًا. أما العدد الإجمالي العالمي للرؤوس النووية فيبلغ حوالي 12512 رأسًا، تحتل روسيا المركز الأول بنحو 4380 رأسًا، تليها الولايات المتحدة 3708، الصين 500، فرنسا 300، إنجلترا 215، أما الدول التي لم تشارك في معاهدة حظر الانتشار وتمتلك رؤوسًا نووية، فهي: الهند 172، باكستان 170، إسرائيل 90، ثم كوريا الشمالية 50 رأسًا نوويًا.

kgaballa@ahram.org.eg

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.