كمال جاب الله يكتب: في حضرة تشي جيفارا وجمال عبدالناصر

116

“لا يهمني أين ومتى سأموت.. بقدر ما يهمني أن يبقى الوطن”، سيطرت هذه الكلمات المؤثرة، للثائر الأيقونة، تشي جيفارا، على كل مشاعري، وأنا أقف باحترام أمام نصبه التذكاري وضريحه، بمدينة سانتا كلارا في كوبا، يوم الخميس الماضي.

تلك كانت الزيارة الثانية للمكان، سبقتها فرصة أتيحت لي، في يوليو عام 2006، غير أنني لم أتمكن، في الأولى، من دخول متحف يواري فيه جسده، ويحتوي على مقتنياته الثمينة، وأوراقه الخاصة، وصفحات مضيئة من عصره الذهبي.

مدينة – ومحافظة – سانتا كلارا الكوبية تحظى بتاريخ معتبر عند التطرق لتاريخ انتصار الثورة الكوبية في الأول من شهر يناير عام 1959، وذلك عندما نجح القائد تشي جيفارا بنصب كمين لقطار محمل بجنود باتيستا، وتدميره، مما أدى إلى ارتباك أعداء الثورة، وإعلان استسلامهم، وهروب باتيستا جوا إلى جمهورية الدومنيكان.

بصحبة – وفي معية – سفير مصر القدير بكوبا، ماهر العدوي، استمعنا إلى شرح تفصيلي للمعركة، التي جرت في سانتا كلارا، وتفقدنا المتحف المكشوف، الذي يشتمل على ما بقي من عربات القطار المدمر، ومحتوياته من الأسلحة والذخائر.

أمام النصب التذكاري، وضريح تشي جيفارا بـ سانتا كلارا، كانت نائبة المحافظ الكوبية، ميلكسي أرماس، في استقبال الوفد المصري، برئاسة السفير ماهر العدوي، وبعد وضع إكليل من الزهور على الضريح، استمعنا إلى شرح تفصيلي للمحتويات.

مساحة المقال هنا لن تسمح – هذه المرة – بسرد تفاصيل المحتويات، وما تحمله من أضواء، على قصة حياة تشي جيفارا، مذ كان طفلا وحتى رحيله، وبالتالي، سوف أنتقل لرواية مشهد مماثل، يفتخر ويعتز به المصريون، سبق زيارتنا لـ سانتا كلارا.

في اليوم التالي لوصولي إلى العاصمة الكوبية، هافانا، 24 يناير 2023، بدأ أول بند في برنامج الزيارة، بتفقد حديقة بقلب المدينة، تكاد تكون فريدة من نوعها، مخصصة لإحياء ذكرى زعماء أفارقة، يتقدمهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

فكر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان ملهمًا للثائر الأممي، تشي جيفارا، وكلاهما تبنيا مشاعر: عشق الوطن، ومحاربة الإمبريالية والاستعمار، والفساد والاستبداد، والدعوة للعدالة الاجتماعية، والانحياز للطبقات الفقيرة من المجتمع.

في المناسبات الوطنية المصرية، تقيم سفارة مصر في هافانا مراسم احتفالية حاشدة، من بينها، إحياء ذكرى الرئيس جمال عبدالناصر، أمام النصب التذكاري المخصص له، بحضور كبار المسئولين، والقيادات الحزبية والشعبية، الكوبية.

وبالتالي، كان لافتًا حضور – ومشاركة – العديد من المسئولين الكوبيين، يتقدمهم، نائب رئيس المعهد الكوبي للصداقة مع الشعوب، فيكتور جاواتاه، مراسم الزيارة لنصب جمال عبدالناصر، في معية السفير المصري في هافانا، ماهر العدوي.

لأن مصر تحظى بصداقة تاريخية وبمحبة فائقة، شعبًا وحكومة ورئيسًا، لدى كل الأوساط الكوبية، فقد اشتمل جدول الزيارة مقابلات، على درجة كبيرة من الأهمية، مع رئيس المعهد الكوبي للصداقة مع الشعوب، فيرناندو جونزاليس ألورت، ونائب مدير إدارة العلاقات الدولية بالحزب الشيوعي الكوبي الحاكم، خوان كارلوس، ومدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالخارجية الكوبية، الإسكندر بليسر.

أيضًا، وفي أثناء مشاركتي في أعمال المؤتمر الدولي الخامس “توازن العالم.. مع الجميع.. ومن أجل الجميع.. حوار الحضارات”، الذي انعقد بقصر المؤتمرات في العاصمة الكوبية، 24-28 يناير، شرفت بمقابلة الرئيس الكوبي ميجيل دياز كانيل.

نقلت إلى الرئيس دياز كانيل اعتزاز المصريين بمتانة الصداقة والأخوة مع أشقائهم الكوبيين، شعبًا وحكومة وقيادة، وعبرت عن تأييد ومساندة كوبا في الظروف العصيبة التي تواجهها نتيجة للحصار الاقتصادي الأمريكي الجائر منذ ستة عقود.

وفقا لما أبلغني به السفير العدوي، تعتبر العلاقات الثنائية بين مصر وكوبا، ومنطقة الكاريبي، في أفضل حالتها، وتسير في الاتجاه السليم، مقارنة بالأعوام السابقة، في ظل المناخ السياسي العالمي الراهن، وتوجهات وأولويات الدولة المصرية.

kgaballa@ahram.org.eg

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.