اسامة ابوزيد يكتب: تحت الوصاية

38
بناء على رغبة بعض الأصدقاء تابعت مسلسل “تحت الوصاية” للفنانة منى زكي والفنان دياب. مبدئيا، المسلسل جيد من نواح عدة كالإخراج والتصوير والتمثيل والسيناريو. ويتناول قصة زوجة (حنان- ليلى) مات زوجها وترك لها طفلين؛ أحدهما اقترب من مرحلة المراهقة، والثاني طفلة رضيعة لم تبلغ العامين. كما ترك لهم مركبا كبيرا للصيد كان يعتاش من رزقه بمدينة الإسكندرية. ولأن المحكمة جعلت الوصاية على المركب والطفلين للجد (والد الزوج المتوفى) حسب قانون الأحوال الشخصية، تقرر الزوجة تهريب المركب إلى دمياط، وأن تفر هي وولداها إلى هناك بعيدا عن وصاية الجد، وبعيدا عن محاولة العم صالح الاستيلاء على المركب ليصبح هو المتحكم فيه، والوصي الفعلي عليه وعلى الولدين.
وفي دمياط، تواجه الأم صعوبات كثيرة في إدارة المركب كامرأة ريسة لا يتقبلها المجتمع الدمياطي، وعدم تقبل أحد من البحارة العمل تحت رئاستها سوى أربعة رفض أصحاب المراكب أن يعملوا بمراكبهم هم بحار عجوز لا يرجى نفعه، ومدمن خمور ونساء، ولص اعتاد سرقة الأسماك، وبحار أدمن الحبوب المخدرة، وقد سببوا لها الكثير من المصاعب والمخاطر التي كانت كفيلة بإحباطها وكسرها.
وقد نجحت الفنانة منى زكى بامتياز في تجسيد شخصية الأم الهاربة المتهمة بسرقة المركب بكل مواجعها وآلامها ومخاوفها وإحباطاتها وأحزانها، وكذلك لحظات الفرح والانتصار والحب القليلة، ما استحقت معه جائزة أفضل ممثلة وهو الامر الذي جعل الجمهور يغفر لها دورها المثير للجدل في فيلم “أصحاب… ولا أعز”. كما نجح الفنان دياب في تجسيد شخصية العم صالح ذي الوجهين؛ وجه طامع في استرداد المركب الهارب مستخدما طرقا غير مشروعة من بلطجة وعنف واحتيال، ووجه آخر بار بوالديه، محب لهما، عاشق لخطيبته، حريص عليها وغيور على سمعتها.
كذلك أجاد الفنانون الذين قاموا بأدوار عم ربيع وحمدي وعيد وشنهابي وإبراهيم وسناء ومنى، ولا ننسى الوجه الصاعد الجميل شريف عمر الذي قام بدور ياسين ابن منى زكى، وهو الدور الذي استحق عنه جائزة أفضل ممثل واعد.
قدم المسلسل مشاهد جميلة كثيرة منها مشهد الأم وهي تعيد المفتاح لجارها صاحب البيت الذي تسكنه الأستاذ زكريا (الفنان أحمد خالد صالح)، المحب لها بصمت، بسبب عزمها العودة إلى الإسكندرية بعد وفاة الجد الوصي. كان رد فعل الأستاذ زكريا رائعا بصمته وارتباكه وقلة حيلته وعجزه عن فعل شيء لإثنائها عن قرارها.
من المشاهد الجميلة أيضا مشهد خروج السمك والجمبري من البحر في الشباك، وتفريغه على ظهر المركب وسط فرحة الريسة والبحارة، وترديدهم الصلاة على النبي.
وسعى المسلسل بكل عزم إلى إبطال الوصاية للجد والعم وجعلها للأم، فهي الأحق بالقيام بشأن أولادها، وتربيتهم وتعليمهم، والحفاظ على ميراثهم، فجعل الأم تخوض من الحروب والمغامرات ما يعجز عن خوضه أعتى الرجال.
لكن في نهاية العمل، يثور الأهالي بتحريض من المعلم سيد (محمد عبدالعظيم)، فيحرقون المركب، ليدفع الجميع الثمن، وتخسر الأم معركتها من أجل الوصاية، ويزج بها في السجن مدة عام.
ومثلما نجحت أعمال سابقة في تغيير قوانين راسخة مثل “جعلوني مجرما”؛ الفيلم الذي قام ببطولته الفنان الراحل فريد شوقي، وصدر عقب عرضه قانون ينص على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة، قد ينجح “تحت الوصاية” في سعيه لكن شتان بين الحالتين، فالسابقة الأولى ليست كالوصاية التي تستند في حكمها إلى الشرع والفقه الإسلامي، وهو ما يجعل تغيير القانون أمرا في منتهى الصعوبة والتعقيد.
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.